09 Apr
البكاءأصبح رفيقي

البكاءأصبح رفيقي، أمارسه كطفلة يتيمة ينتابها القهر، أمارسه بصمت وعلانية، وبتواصل وانقطاع. قلبي النبي هو من علمني البكاء، وهو صادق فيما علمني، شفاف ووفي، أخبرني أن أبكي، فالبكاء سمة الأنقياء، ووسام القلوب المرهفة، همس لي بنبرة حكيمة: "الصخور القاسية لا تبكي البتة، فأبكي واغتسلي بدمعك وطهري قلبك حتى يعانقه النقاء، فطوبى لمكلومين طهرهم الوجع." الوجع أحياناً مطهر جيد للقلب من فيروسات الحياة وغطرستها، لذلك توسمت من وجعي خيراً، حزمت متاع حزني ودمعي والنقاء، وحملتهم معي أينما حللت ورحلت وارتحلت، وصارت شيئاً ضرورياً مع كل رحيل يلازمني، مع كل بعد يرافقني كظلي، كحقائبي، كخطواتي، كدليلي ومرشدي في طريقي،يحذرني من الوحوش البشرية،من المنحدرات الشائكة والمنعطفات المباغتة.باغتتني منعطفات لم أكن أتوقعها، وظللت وحيدة كطفلة فقدت أبويها في زحام خانق،في فوضى عارمة، في متاهات قفر موحش، لكني لم أتوه ولم انتحب ولم تردد آهاتي صداها قهراً "أضاعوني وأي فتاً أضاعوا.." تسندت عنادي وقوتي وإصراري ورباطة جأشي وواصلت طريق رشدي، تعثرت قليلاً لكني لم أنحني، لم أسقط ولم أقدم أي تنازلات، عنادي كان رفيقي ومرشدي كذاتي العنيدة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة