بقلم الشاعر والناقد / محمد الأشول تدفق السرد في رواية (نزوة قابيل ) للروائية بلقيس الكبسي تدفقت آلام وآمال ودموع وآهات الأديبة بلقيس الكبسي جراء ما يحدث في بلادنا اليمن من ويلات الصراع السياسي على السلطة والثروة؛ الذي تسبب بنشوب حروب تدميرية، أهلكت الحرث والنسل، وقتلت كل شيء جميل، وخلفت الدماء والدموع والدخان والغبار. ومن ضمن ضحايا الحرب الظالمة الكثير من أهلها، وأقسى وجعها فقدها لشقيقها. لقد جاء هذا التدفق غزير الجريان، متلاحق الموجات، شفاف الدفقات، سلس العبارات، الأمر الذي يمسك بتلابيب القارئ، ويسحبه معه بمحبة ولطف من بداية الرواية حتى نهايتها،متنقلاً معها بين المآسي والكوارث التي تسبب بها قابيل العصر الحديث، في حق أخيه هابيل ضحية الخطيئة الأولى. صدرت الطبعة الأولى لرواية (نزوة قابيل) للأديبة بلقيس الكبسي عن دار الأمان بالرباط المملكة المغربية، نهاية العام 2018 م، في مئة وثلاث وسبعين صفحة، توزعت على الإهداء، وتوطئة وعشر ساعات روائية، ابتداءً من الواحدة قهراً بعد منتصف الرعب بتوقيت الإجرام، وانتهاءً بالعاشرة يقيناً بتوقيت الرجاء، وقد مثلت الكاتبة هذه الساعات بدلاً عن الفصول واختارت لها عناوين تلائم محتويتها ، حيث حلت الكارثة الماحقة بمنزل بطلة الرواية عند الواحدة بعد منتصف الليل المرعب جراء قذيفة جهنمية أطلقها مجرمون في حق الإنسانية على بشر آمنين مسالمين، ليسوا طرفاً في الصراع، وليست لهم في الحرب لا ناقة ولا جمل، فخلفتهم أشلاء ممزقة، وسوت مساكنهم بالأرض، وأصبحت أثراً بعد عين، تكومت موادها فوق أصحابها. على الرغم من أن الكاتبة متواجدة في المملكة المغربية إلاَّ أنها تعيش في الوطن بمشاعرها، ووجدانها، وروحها، وعقلها، مع شعبها في مآسيهم، وأحزانهم، وألامهم، وآمالهم ، الأمر الذي اتضح جلياً في مجريات الرواية وحوادثها وانعكس في صياغتها وحبكتها، ودقة تصوير مواقف وصفات شخوصها، ووصف تصرفاتهم وانفعالتهم، وكأنها عايشت أحداث الحرب بكل تفاصيلها، وكأنها بطلة الرواية الساردة (توق) بحق وحقيقة، فقد تميز أسلوبها السردي بالمصداقية في العرض، ودقة الوصف، وبلاغة التعبير ، هذا من ناحية ، ومن ناحية ثانية فقد سكبت الكاتبة أحرفها على الورق بلغة راقية، وسرى بها قلمها برشاقة وثقة، وتحاشت التموية والإلغار والغمز واللمز في ذات الوقت، وابتعدت عن التكلف والتصنع والحشو والأطناب والثرثرة، كما تناثرت في ثنايا الرواية صور شعرية بديعة، ومعاني بيانية رائعة. ومن ناحية أخرى فقد عكست فقرات الرواية عمق تجربة الكاتبة وسعة ثقافتها، واتساع رؤيتها، وسلامة مقصدها، وصحة موقفها، وإنسانية أهدافها، ووطنية مشروعها الروائي، كأقل واجب تقدمه لمجتمعها في محنته الكارثية بتداعياتها المأساوية المحزنة، والتزمت الإصطفاف إلى جانب المواطن المقهور، وتبنت قضية الوطن المشطور، وأعلنت سخطها على قواد الحروب المجرمين، الذين قتلوا كل شيء جميل، ودمروا كل شيء مفيد، واستولوا على كل شيء ثمين، بما فيها أرواح المواطنين ومقدرات الوطن، وأدانت زمرة الأثرياء الذين يتقنون فنون السرقة بكل أشكالها، ولا هم لهم إلاَّ نهب الثروات. وصبت جهام غضبها على العملاء والمرتزقة وتجار الحروب ونافخيها ومؤججيها ومموليها والمستفيدين منها. كما صورت الصراع الداخلي بين أبناء الوطن الواحد حيث يقتل الأخ أخيه، ويخاصم الصديق صديقه، ويعادي الجار جاره، وصبت سخطها ولومها على جبهات ومواجهات الصراع الداخلي التي شب نيرانها المعتدي الخارجي، وأججها سعيرها أرباب الحرب ودعاتها وداعميها، فدفعها كل ذلك إلى التعبير عنه بخطاب تقريري متشنج، استمد لغته من نشرات الأخبار، وتعليقات الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي ومنصاته الإلكترونية، وهذا ما أضفى على مسار السرد صفة الواقعية، فبدت الساردة وكأنها شخصية حقيقية وليست متخيلة، وهذا لا يقلل من قيمة الرواية الكلية، بقدر مايكسبها صفة التنوع والواقعية . لقد تمكنت الكاتبة من الإمساك بأطراف الحبكة وعمودها، واستطاعت أن تتحكم بنسيج خيوطها البنائية، وصياغتها في قالب فني محكم الترابط، على الرغم من بروز بعض التداعيات الجانبية، والوقفات التفصيلية، التي كانت تفرض نفسها في معرض الحوارات الثنائية أو الداخلية، بين الراوية ونفسها، وكذا عندما تضطر الساردة إلى تطعيم سردها بالحكم والأمثال والأغاني وغيرها من الإقتباسات الدينية والاجتماعية . والأهم من هذا وذاك أن لغة الكاتبة وأسلوبها الإنشائي قد اكسب بطلة روايتها الساردة (توق) تعاطفي معها، وشفقتي عليها، وشاركتها مشاعر الفقد، واليتم، والثكل، والحزن، والوجد، والألم، والأمل، فبكيت لبكائها، وتوجعت لوجعها، وتراءت لي أحلامها وكوابيسها، وطربت لسرورها بحبيبها، وغنيت معها للحب والحياة والحرية والسلام . وأخيرا .. يمكنني القول بأنه نزوة قابيل جذبتني بجمال لغتها، وكمال حبكتها، واكتمال مكوناتها، ونضوج تكوينها، وبروز وتكامل عناصرها، مع أنها ابتدأت بكارثة وانتهت بمأساة .
بقلم الشاعر والناقد / محمد الأشول/ اليمن: (حرية بريس)
ثابت القوطاري “بين الحرب والحب” كانت الكاتبة الأنيقة والصديقة العزيزة بلقيس الكبسي قد بعثت إلي من بلاد المغرب العربي بروايتها الجديدة (نزوة قابيل) والتي أصدرتها عبر دار الأمان 2018م، حيث كنت محظوظا جدا بقراءتها لأعيش أحداث بطلتها (توق) المصلوبة بين الحرب والحب، تلك الأحداث الدرامية الكثيرة، واللغة الشعرية الغنية والآسرة تجعلنا نعيش الرواية بتفاصيلها مع شخوصها التي استطاعت استنطاقهم ليسردوا تفاصيل ما يدور في الساحة العربية بشكل عام واليمنية بشكل خاص، فاستطاعت الكاتبة منحنا قدرا كافيا من التطهير، وما يلفت الانتباه هو أسلوبها الجديد والمبتكر في العنونة الداخلية لأجزاء الرواية، حيث أعطت العناوين بعدا فلسفيا مختلفا حملته بدلالات الزمن المختلفة جاعلة من الصبر واللهفة والشوق واليأس والحنين والفجيعة مدخلال لتفاصيل تلك الأجزاء. صراع عاشته بطلة الرواية (توق) مصلوبة بين حبها لابن عمها (ركان) والحرب التي غيبت أسرتها للأبد، حالة من التشظي والصراع النفسي العنيف عاشته الشخصية في ظل وجود شخصيات أخرى فاقمت أوجاعها وزادت من معاناتها في ظل تسلط (دهمة) وخيانة (راجي) وسطو (الجادري) وضياع أخيها (تاج). حيث تمثل (توق) شخصية الإنسان اليمني الذي فرضت عليه الحرب وضعا مأساويا فقد خلالها عائلته، فجعلته في مفترق طرق، ليدخل في عذاب وويلات فرضها أقرب الناس إليه والمتمثلة في شخصية (دهمة) التي لم يكن لزوجها (راجي) أي تدخل في كل انتهاكاتها وفضاعتها وسوء معاملتها لتوق، ليظهر الحب والأمل في شخصية (ركان) الذي يمثل المستقبل المنشود والمرتقب وبخاصة أنه كان قريبا جدا من بطلة الرواية لكن الحرب غيبته وأصبح ضبابيا لا نعرف عنه شيئا منذ مغادرته البيت، وكأننا أمام مستقبل غير واضح المعالم، أما (الجادري) الذي سطا على (تاج) أخو بطلة الرواية مستغلا فقده لذاكرته فقد كانت نقوده ونفوذه كفيلين بشراء المواقف وتقديم العروض والتي تضمن الاستمرارية والخروج بأقل الخسائر بغض النظر عن قناعة بطلة الرواية (توق) التي آثرت أن يعيش أخوها في كنف (الجادري) الذي ادعى أنه ابنه وأنه الناجي الوحيد من أبنائه التي التهمتهم الحرب دفعة واحدة، ليتحول (ريان) إلى مسخ متفجر جرته الأوضاع والظروف إلى نهاية تشبه شاكلته بعد أن أشبع أخته ضربا وإهانة وتحقيرا، وكفر القاصي والداني بسبب وبغير سبب، لتنتقم اخته هي الأخرى من نفسها بهروبها من نار عائلتها إلى نار رجل يكبرها سنا وبخاصة أن أبيها (راجي) قد تخلى عنهم وذهب ليستعيد رجولته مع امرأة أخرى، لتتوالى الأحداث التي تجعل من أمها (دهمة) امرأة مقعدة على كرسي متحرك بنصف جسدا لاغير. ما بين الحرب والحب عاشت هذه الشخصيات وكل أدى دوره المناط به في الحياة، فلا الحرب انتهت ولا الحب مات، فما بينهما نزوة لقابيل كررها الأحفاد بصلف منقطع النظير. لا أرى الكاتبة إلا موفقة فيما سرددته، وما أراها إلا بارعة في تخفيها خلف شخوص الرواية لتسكب كل غضبها وحنقها على هذه الحرب، موجهة سهام الاتهام لجميع الأطراف المسببة والتي باعت الوطن والإنسان، السياسيون الذين يمارسون السياسة وهم في وضع النجاسة والحقارة والدناءة لم يفهموا منها سوى كم باعوا وكم ربحو. رواية (نزوة قابيل) جديرة بالقراءة والاهتمام، لا يسعني إلا أن أرفع قباعتي إجلالا لكاتبتها التي أفرغت عليها من صدق المشاعر والتجربة الكثير، واعطتها من الاهتمام ما يظهر مظلومية الإنسان اليمني الذي ينشد الحب وأهله، ويلعن الحرب وأمرائها.
ثابت القوطاري
عبدالخالق محمد المهدي باحث في الأدب والفن اليمني كم أدهشتني الكاتبة القديرة والشاعرة والروائية اليمنية بلقيس الكبسي بروائيتها الخالدة ( نزوة قابيل ) وكم أمتعتني فصول ومجريات الرواية ، ذلك أنها صيغت بإبداع خلاق ، وتألق في حبك الرواية وبلغة أدبية راقية ، ومفردات انيقة ، وفصول بالغة الأهمية ، وسرد بالغ التاثير ، وتداخل سلس في الفقرات والمضامين … رواية ( نزوة قابيل ) ليست كأي رواية انها تحلق بك فضاءات الدهشة والجمال ، رغم حزن وشقاء شخوصها ، وقساوة فصولها ، بل انها تنقلك في بث مباشر الى جانب من ميدان الأحداث المأساوية الجارية وقائعه في بلدنا الحبيب اليمن ، ظلما وعدوانا من عالم بشع تكالب على قتلنا وافزاعنا وتدميرنا بشكل لايتصوره عقل بشر ، الرواية سجلت بعضا من وحشيتهم وقبحهم . وجمعت بين الحب والحرب ، بين الرجل والمراة ، بين المرأة والمرأة ، وتصادم الخير مع الشر ، وصمود وخلود شعب ، بين تحالف الشيطان ، والبأس اليماني ، بين الإرهاب والإيمان ، فضح الطغيان والعدوان .. وبكل تاكيد أجزم بأن الرواية ليست الا إنعكاسا لوقائع حقيقية عاشها ومازال يعيشها اليمنيون الى اليوم …. الرواية أجبرتني على قراءتها ومتابعة مجرياتها بكل شوق ، وكنت كل يوم أغوص في ثناياها بانسجام ، فتأخذني الى عالم الألم والأمل ، عالم الحب وفزع الحرب …. لن أطيل حديثي في هذه المساحة البسيطة .. واكتفي بالقول بأن جودة ماكتبته وعمق ماسطرته روائيتنا الكبيرة … يحق لنا أن نفخر به ، ويحق لها أن تتوج ملكة للرواية اليمنية الآتية من الأرض الطيبة ، من بلد الإيمان ، بلد الفن والسلام
عبدالخالق محمد المهدي: باحث في الأدب والفن اليمني
الشاعر خالد عبيد اليمن رواية (نزوة قابيل) مرافعه إنسانيه بحته تعبر عن أنين المظلومين وأحلام الأطفال وتطلعات البسطاء وآمال المحرومين، وتصور بكل دقة صلف الظالم وجبروته ونزوته التي صبها على أخيه،كما تعري ضمير العالم الذي يغط في نفاق مقزز وصل به الحد أن يبرئ الجلاد ويدين الضحيه،ورغم كل ذلك فالمظلوم(كما صورته الرواية) رغم جروحه وفقره وقهره إلا أنه هو ذلك الإنسان المتسامح صاحب القلب المفعم بالحب والأمل المؤمن بالعدل وبأن الحق لابد أن تبزغ شمسه ويعلو صوته. أحيي المبدعة الشاعرة والقاصة الأديبة د /بلقيس الكبسي لإبداعها وجرأتها في الطرح وينحني قلمي إعجابا وتقديرا لروايتها الإنسانيه التي تستحق الاعجاب والتقدير والثناء
الشاعر خالد عبيد: اليمن
د/ محمد العزاني أمين العلاقات الخارجية والاعلام بالاتحاد العربي لأندية القصة والسرد الخرطوم رواية نزوة قابيل للروائية والشاعرة الدكتورة بلقيس الكبسي الصادرة في يناير 2019 م عن دار الامان ..الرباط ..المغرب … تمثل أحدث رواية يمنية … وتعتبر الرواية الاولى التي عالجت قضية الحرب وتبعاتها من اول سطر في الرواية ((بدون الراء في حرب ترام …..)) والأهم أنها تؤرخ لبدايات الماساة اليمنية والتي نتجت عن القصف وتغييب الاحياء دون تفريق ودون ذنب … وربما كان العنوان مختزلا للرواية من خلال الربط لواقع اليمن مع قضية قابيل وهابيل وعدم المشروعية في القتل ورفع السلاح . وكذلك المآلات التي ستؤول اليها هذه الحرب كما كانت مآلات مأساة قابيل وهابيل التي اعقبها ندم ولكن بعد ان يكون قد انقضى كل شيئ. ما يميز الرواية عن غيرها أنها تتطرق الى قضايا مهمة جدا وهي مترتبات الحرب .. من ضياع الاسر وتشتت الابناء واليتم والأثار النفسية والعائلية والإجتماعية عموما استطاعت الكاتبة ان تضع القارئ والسياسي والإنسان عموما في كافة انحاء الأرض استطاعت أن تضع الجميع أمام تصوير حقيقي لمأساة الفتاة اليمنية والأم اليمنية وألأسرة عموما نتيجة الحرب والقصف وغيره إنها ماساة الإنسانية بحق. كما جعلت من الحب بلسما يخفف من أثار فجائر الحرب وفجور من يقصف الابرياء ويقتل الأمنين ويشرد الأسر … مزج صادق وسرد ذكي ومشاعر صادقة تعبر عن عمق وجداني من جهة وفي جهات اخرى شفافية طاغية تجعل القارئ يعايش اللحظة ويسايرها إنها بحق تسجيل وتوثيق للحظة زمنية تعبر عن واقع يعيشه كل اليمن
د/ محمد العزاني: أمين العلاقات الخارجية والاعلام بالاتحاد العربي لأندية القصة والسرد الخرطوم
*د. فارس البيل أكاديمي وناقد يمني 2019/2/12م _____________ تخرج هذه الرواية من بين ركام الحرب، إذ تؤرخ بزمن حاضر للصراع الدائر في اليمن، وهي من أوائل الروايات اليمنية التي تخوض في هذه الأحداث، وربما كانت الصوت النسائي السردي الذي يتصدى لتوثيق هذه المرحلة وهي ماتزال قائمة بكل معاناة اليمن واليمني المغلوب على أمره. تنثال الرواية من عنوانها الصارخ، من الخطيئة الأولى لابن آدم، من فعل قابيل وجرمه بقتل أخيه، وكأنما ترتكز الرواية على هذه الخطيئة باعتبارها ذنب مستمر في ذرية آدم تجلب الشرور ، وتهلك الحياة وقوائم السلام فيها. الرواية التي تنحصر في خط زمني يبدأ من العام 2015م وينتهي في عام 2018م. وهو الفضاء الزمني للرواية .. متعاورا مع الفضاء المكاني اليمن ومدينتها صنعاء وأماكن ثانوية أخرى يختطها السرد لتغذية الحدث. والحدث فيها يقف عند المعاناة التي تقاوم فيها بطلة الرواية جراء دخول اليمن في حرب لم تنتهي، متعالقا هذا الحدث بين الحرب والحب ، وكيف أن الحب والحرب ضدان ..يجني الأول على الثاني..وكأنما هما ثيمتان تتصارعان في الحياة، وحينما تحل الحرب يضمر الحب أو يتحول لبارود، ولو أن الحب كان أقوى لما كانت الحرب ، لكن للسياسة التي لا تعرف الحب سطوة الحرب، فالسياسة غرامها الحرب، والحب غرام السلام. و نزوة قابيل ، الرواية التي أبدعتها الروائية والشاعرة بلقيس الكبسي، مثلت صوت الكاتبة الحي، ونداءها الداخلي لفقدها وطنا في لظى الحرب، تسجل معاناة مكشوفة ، وأزيزاً فاقعا للرصاص ، إذ صوت الرصاص والدمار هو الذي يعلو في لغة الرواية، وألفاظ الألم والدماء والخراب والدمار هي المعجم المتسيد في السرد، مع حضور مهزوم لمعجم الحب والأمل والأمنيات بالخلاص. والرواية بهذه اللغة التي تنطق بالبارود والضحايا، تحاول سبر معاناة اليمني ، ونقل أوجاعه ، وإن كانت الروائية تدير عبر رؤيتها حركة شخوص الرواية ، وتهيمن على أدائها حتى أنها تعتمد ضمير الأنا سارداً ومتحكما في خط الحدث، وموجها لمواقف سياسية تنبع من قناعة الروائية ووجهة نظرها في أسباب الصراع ونتائج الدمار ومصير الأزمة، وهي رؤى قد يختلف معها قارئ ويتفق آخر ، لكنها في غايتها تصبو إلى رسم معاناة اليمن الأرض والإنسان وإن كانت لم تتعمق في في نوازع الحرب، أو غذت الحدث بأسباب الحرب و غاياتها، واكتفت بموقف الناقم على كل الأطرف، المقهور من سطوة الخطيئة. إن هذه الرواية بما تحاول أن تومئ إليه بعنوانها وشخوصها وحدثها ولغتها والزمكان فيها؛ لهي صيحة وجع، لا تقف عند بُعد السياسة التي تبنت الدمار أو على الأقل أوصلت إليه، بل في خفاياها رغبة في الحب، وانتصار لقيمه وشكوله في مقابل مخالب الحرب وشظاياها. كيف يكون الحب في زمن الحرب، هكذا يتوالد الحدث في السرد، ويغيب لصالح صوت الرواية الأعلى الذي يضج بالحرب وخسائر الناس المادية والنفسية. على أن الرواية بعتباتها كما لو كانت ناشدة سلام، تنظر لكل شيء هدم استقرار اليمن وماكانت عليه قبل 2011م كعدو جر اليمن إلى المهالك. تضيء الرواية عتبات نصية؛ في مدخل كل جزء منها، تكاد تكون هذه العتبات مفاتيح للنص، أو خلاصات له .. وقيامها بالاعتماد على الوقت السردي البلاغي مثل : " الواحدة قهرا بعد منتصف الرعب" ، لهو مزج بلاغي بين مدخل تقليدي يوثق اللحظة، لكن بركائز الرواية الملغومة بالقهر والرعب والدمار. تبدو الرواية بلغتها السهلة والدقيقة لحد كبير ميسورة الفهم ، بتسلسل حدثي مسترسل، يضج بالفزع مما حل بالناس، ويندب حظ البحث عن حب وسط الأشلاء ودخان الدمار . يمكن لهذه الرواية أن تنتمي لأدب الحرب، وهي تجربة نابعة عن إلحاح داخلي بالسلام، وصوت عانى الكثير، وكانت خسائره جسيمة في النفس والمادة. وهي دعوة ايضا إلى أن لانسمع سوى عقارب ساعة الحب، الحب الذي تخطفته القذائف والصواريخ. وبأعطاف هذه الرواية، يلتحف الحب ، مصرا على البقاء ..داعيا للغرام ، ومحرضا عليه، وإن كانت أصوات الحرب أطغى ، لكنه الحب ، يقود كل شيء ..ويتمنطق بالدلال .
*د. فارس البيل: أكاديمي وناقد يمني